Showing posts with label التعليم. Show all posts
Showing posts with label التعليم. Show all posts

April 11, 2012

حكم العسكر : 1 - المؤسسة التعليمية

 بسم الله .. تحيا أرواح الشهداء .. و يسقط حكم العسكر .

يتردد فى بعض الأوساط أن الطفل المصرى هو أذكى طفل فى العالم ... حتى دخوله المدرسة , فى تقديرى ما يحدث فى المؤسسات التعليمية هو أبعد ما يكون عن تزويد الأجيال بالعلوم بل هو عملية "ختان" لكل سبل التفكير السليم و تنميط أسلوب الفكر على أخذ الحلول الجاهزة (بمعنى اخر أنه ليس هناك إلا حل نموذجى واحد و لا حلول أخرى) من نص المقرر على الطلاب و بواسطة المدرس ، مما ساعد بشكل جلى على انتشار ما يسمى بالدروس الخصوصية حتى فى المرحلة الجامعية و ضعف مستوى البحث العلمى و تطبيقاته الى أدنى حد بل و وجود نسبة أمية مرعبة تتجاوز المعدلات المعلنة بالتأكيد بالإضافة إلى النسبة الغير معلنة للأمية الثقافية و الفكرية  . و بالتأكيد هناك عامل قوى (وهو النظام الحاكم) يقف داعما وراء ضعف كفاءة المؤسسات التعليمية و تدنى المستوى الفكرى العام للشعب المصرى , لأن فى هذا استمرار لممارسة سلطاته على الشعب بوجهه المدنى أو العسكرى اذا تطلب الأمر .

و أتحدث عن المؤسسات التى تخضع بشكل مباشر تحت سيطرة الدولة كالمدارس والجامعات الحكومية و معظم المدارس و الجامعات الخاصة حيث تتشابه أوجه الإدارة  و التوجيه و الثواب و العقاب بين الطلاب و بين المجندين و العاملين بالمؤسسات العسكرية بل تتطابق فى بعض الأحيان.

طابور الصباح المدرسى
بالنسبة  لمعظم المدارس , طابور الصباح  فى موعده للتتميم على الطلاب فى نفس الموعد تماما فى أى وحدة عسكرية , وقوف الطلبة فى تشكيل "قطارى" فى مواجهة المدرس الذى يشرف و يهتم بنظام "القطار" و هيئة من فيه من الطلاب سواء كانوا أولاد أم بنات (الأولاد حليقى الشعر – و الذقن فى بعض المدارس - ، و البنات لا يضعون أى وسائل للزينة و فى بعض المدارس يلزموهم بارتداء الحجاب أو بخلعه . كل هذا طبعا مع الإهتمام بتمام الزى الموحد لكل الطلاب) , جميع الفصول تشكل فى الأغلب هيئة مربع ينقصه ضلع حول "جندارى" أعلام الجمهورية و المحافظة ثم المدرسة إن وجد ,  تمارين الحركات الدورانية  مع العد و التصفيق , حركات الصف و الإنتباه , تمارين شد الأذرع للأعلى و إلى الأمام , إلقاء ما يسمى بالإذاعة المدرسية و هو مزيج من الأخبار و بعض أيات القران الكريم (حتى و إن كانت المدرسة تضم مسيحيين) , تحية العلم و اداء النشيد الوطنى بأعلى صوت حتى مع جهل كلمات الأبيات و طريقة نطقها , كل هذا تحت اشراف السيد مدير المدرسة الذى فى معظم الأحوال يتابع الطابور و هو يعتلى المنصة اثباتا لسيطرته على مدرسته .التحركات المنتظمة فى طوابيرالى الفصول  , قيام الطلاب للمعلم و رد التحية بأعلى صوت  .العلم المصرى و القسم و صورة الزعيم فى كل فصل وهذا أول ما تحاسب عليه  ادارة المدرسة من قبل الإدارات التعليمية اذا تم التقصير فيه قبل أن يساءلوا عن جودة ما يقدموه للطلبة من خدمات تعليمية .

 استخدام الشتائم التى لا تنتهك العرض و لا تسب الوالدين  لردع الطلبة فى حال عدم التزامهم بالهدوء , استخدام الأدوات التى لا تترك علامات أو تسيل دماء  أو لاتنتهك العرض أو الشرف كالضرب على الكفوف أو رفع الذراعين منصوبين بما يعرف "بالتذنيب" بدلا من توجيهه الى مدير المدرسة الذى قد يقوم بضربه أكثر و أعنف أو يعطيه غيابا بعددا من الأيام قد تجعله يعيد اداء السنة التعليمية اذا لم يسترضى المدير بأى طريقة متعارف عليها (بالتأكيد كل ما ذكر من وسائل عقابية هو المسموح به و ليس التجاوزات , فبالتأكيد التجاوزات البشعة هى واقع ما يعيشه طلبة المدارس) .
توظيف بعض الطلاب ذوى الأجسام الكبيرة بوظيفة الشرطة "العسكرية"  و ليست "المدرسية" مثلا و تصرف لهم الكتافة و غطاء الرأس باللون الأحمر حتى يتميزوا عن باقى الطلاب و يعطيهم  سلطة عليهم, ووجود فرق الكشافة فى بعض المدارس الذين يتدربون على نصب الخيام. المشترك بين الشرطة العسكرية المدرسية و الكشافة هو أنهم يتلقون حافزا للتقدم و هو حضوره فى المدارس دون الإلتزام بحضور الطوابير و الحصص !

اعتماد العملية التعليمية على التلقين و الحفظ المستمر و ليس على البحث و المناقشة, على الكمية و ليس الكيفية و الأولوية , المناهج الدراسية كما نراها كتب مؤلفة من شخص أو عدة أشخاص لديهم مهارة التأليف أكثر من طرح المادة العلمية باستثناء مادتى الرياضيات و العلوم و اللتان يستوردان من مناهج إنجليزية , من النادر أن تجد أسماء المراجع التى تم إنتقاء المواد العلمية منها حتى على الكتب العلمية مما جعل مهمة عمل "تقرير" أو "بحث" لأى طالب هى أشبه بمهمة "نقل" أو "تأليف" لكى يحصل على بعض درجات أعمال السنة أو علامة "صح". وجود مناهج مثل "التربية القومية" التى لا تعرف لها مضمونا محددا و تهتم غالبا بغرس قيم الولاء للوطن و للحكومة و الرئيس مع بعض مواضيع الوحدة الوطنية و الدينية , و قد ألغيت مادة " التربية العسكرية " لسبب لا أعرفه و قد استنتجه و لكن المهم أن هناك خططا لاسترجاعها , و هناك تجاهل مقصود تجاه مواد دراسية أراها حيوية لأى شخص لكى يستطيع أن يخط خطا فى حياته مثل مادة الفلسفة و دمجها مع مادة علم النفس , و مادة الدين أو "التربية الدينية" بوجهيها المألوفين و إن لاقت مادة الدين اهتماما أكبر من مادة الفلسفة .

 و بشكل عام تبقى المركزية فى اتخاذ أى قرار هى المجهض الرئيسى لعملية التعليم, حتى   فى القرارات التى تخص كيفية جلوس الطلاب لتحسين استيعابهم أو الطريقة الأمثل للتدريس التى نالت اهتمام الطلبة , و التى تجعل من تطوير التعليم أمرا مستحيلا .

الأمر قد يختلف قليلا فى المرحلة الجامعية حيث التمتع بارتداء ما يحلو لك دون التقيد بزى موحد معيين , بالطبع لا توجد طوابير صباحية أو مسائية و لا تسجيل غياب أو قيد حضور الا فى الفصول العملية بالكليات العلمية . و لكن هذا لا يمنع من التدخل العسكرى لضمان الحفاظ على التصور الذى سبق لى ذكره فى بداية هذه المدونة .

يبدأهذا التدخل  بمنح القوات المسلحة منحة لطلبة الجامعات و هى تأجيل التحاقهم بالجيش حتى اتمام تعليمهم بالجامعات على مرحلتين , المرحلة الأولى هى عند اجتياز المرحلة الثانوية بنجاح وذلك للإلتحاق بالجامعة  و المرحلة الثانية عند بلوغ الطالب سن 19 سنة و ذلك لأنه مقيد بالجامعة فى أحد مراحلها . و فى حال عدم انهاء الطالب للمرحلة الجامعية عند سن 27 عاما يتم استدعاؤه لاداء الخدمة العسكرية اذا استوفى الشروط الصحية و القانونية ثم يستكمل تعليمه بالجامعة بعد انتهاء الخدمة العسكرية و التى ستجعل الطالب ينتظر 6 أشهر على أقل تقدير حتى يلتحق بالعام الدراسى الجديد . 

جدير بالذكر أن الطالب الجامعى لا يستطيع أن يحصل على شهادة تخرجه الا بعد اتمامه لدورة "التربية العسكرية" و التى تتم داخل أسوار الجامعة و تحت اشراف ضباط عاملين بالقوات المسلحة لمدة اسبوع على أقل تقدير و قد تمتد الى شهر حيث يتم التعريف بمبادئ العلوم العسكرية مع التدريب على اداء الطوابير العسكرية, وهذا لا يمنع من استخدام الأساليب التى سبق ذكرها مع طلبة المدارس لحفظ النظام و الإلتزام أثناء الدورة .


و من قبل كل هذا عملية توزيع الطلاب الجامعيين الجدد عن طريق مكتب التنسيق تشبه كثيرا عملية توزيع المجندين على الوحدات العسكرية حيث لا يتم دخول الطلاب للكلية على أسس علمية سليمة و العملية أشبه "بسد خانه".

يجب أيضا أن لا ننسى دور أمن الدولة و الأمن المركزى فى رصد كل التحركات و التنظيمات المعارضة لنظام الحكم ,و التدخل الخفى و الظاهر و العنيف لصد أى محاولة لإبداء المعارضة أو الرفض بطريقة واضحة للجميع , و يجب أيضا أن لا نغفل بأن هذين الجهازين بالإضافة إلى عناصر المخابرات العسكرية من المجندين و العاملين و الذين كانوا و لا يزالوا نشطين فى رصد كل ما يدور داخل أسوار الجامعة .

مما يجعلنى أتساءل , هل هذه الجامعات التى تسمح للقوات المسلحة و من قبلها قوات الشرطة و جهاز أمن الدولة بممارسة كل هذه الصلاحيات جامعات مدنية مستقلة ؟ , بأى وصف نستطيع أن نصف شباب طلاب الجامعات : مدنيون أم عسكريون ؟ , و من ثم , من أين استمدت القوات المسلحة شرعية اقامة مثل هذه النظم داخل الجامعات الحكومية ؟

هذه المظاهر التى عايشتها و أنا طالب فى المدرسة و لمست بعض الأوجه منها فى  مرحلة التعليم الجامعى كذلك قطاع كبير من المصريين   تشبه الى حد كبير النظم الإدارية فى المؤسسات العسكرية , و أعتقد أنا تدخل العسكريين كأفراد فى السلطة هو الذى أثر على المؤسسة التعليمية و ليس العكس   بدليل أن معظم من يتلقون تعليمهم فى مؤسسات أجنبية يحققون انجازات علمية و عملية , و بدليل أيضا أن المؤسسة التعليمية المصرية فى الفترة التى سبقت ثورة 1952 كانت تفرز علماء و مفكرين من طراز فريد كالدكتورمصطفى مشرفة  أو العقاد.

السؤال الذى حان وقت طرحه , ما علاقة الطابور المدرسى و تحية العلم و لوحة القسم و صورة الرئيس بطلب العلم؟ ,  هل أصبح التعلم سنوات تقضى لنيل شهادة علمية شريطة عدم الرسوب أو بلوغ الحد الأقصى من الجزاءات ؟ , كيف تتم ادارة المؤسسة التعليمية و محاسبة المعلمين و الأساتذة سواء بالإيجاب أو بالسلب ؟ و هل كل هذه الممارسات التى تم ذكرها سواء من قبل الادارات التعليمية المختلفة أو التدخل المباشر للقوات المسلحة فى المؤسسة التعليمية قانونية؟
السؤال الأهم هل أسلوبا "إدارىا" وليس تعليميا كهذا يخرج مواطنين قادرين على التفكير و النقد و الرفض و التأيييد على أسس علمية و موضوعية؟ أم يخرج مواطنين مؤهلين أن يتقبلوا شيئا مثل أن يكون رئيسهم عسكريا أو الخضوع لقانون التجنيد الإجبارى ؟

اذا كنا نأمل فى مؤسسات علمية محترمة تقوم بتنمية الأجيال القادمة على أسس تربوية و علمية سليمة , يجب أن نجلس كاباء و معلمين و أساتذة و طلاب لنعيد التفكير فى هذه التفاصيل التى لا تنفع و قد تضر فقط . العسكرية تفرض فرضا على من اختار طريق الحرب وسيلة للدفاع عن الأرض و العرض وليس من هم دون ذلك . طلاب العلم لا يقلون أهمية عن حامل السلاح فهم بما حصلوه من علم قادرون على قيادة و توجيه شعبهم الى ما يؤدى الى الصالح العام .


Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...